وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ) القصص/50
فاتق الله ، وجاهد نفسك وهواك ، وما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك ، واحذر أن تُبتلى في نساء أهل بيتك بما ابتُلي الناس به في نسائهم بك .
وجدد التوبة ، وأحسن الأوبة ، وحافظ على الصلوات المكتوبات ، واشغل نفسك بالحق تنشغل عن الباطل ، وأكثر من ذكر الله ومن تلاوة القرآن ، وليكن لك حظ من قيام الليل ، وتضرع فيه إلى ربك ، وألح عليه في الدعاء ، كي يصرف عنك هذا البلاء ، فإنه من أعظم البلاء وأشده على قلبه المرء ودينه .
ولا تيأس من رحمة الله ، وأحسن الظن به ، وأحسن العمل ، واستعن على إعفاف نفسك ، وغض بصرك : بزوجتك الحلال ، والإكثار من الصوم ، مهما استطعت .
لا شك أن بغضك للسيئة وبغضك لفعلها من الإيمان ، كما روى الإمام أحمد في "مسنده" (22159) عن أَبي أُمَامَةَ عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا سَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ ، وَسَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (550) .
ولكن من ساءته سيئته فتمادى فيها وأصر عليها ، غلبت عليه خسارته ؛ لأن المقصود أن المؤمن تسوؤه السيئة ، فيتركها، وتسره الحسنة ، فيقبل عليها ، فيزداد إيمانا.
أما أن تسوءه السيئة ثم يقبل عليها : فهذا لا شك من الخسران .
فاستثمر بغضك للسيئة ، ومجاهدة نفسك فيها ، وما رأيت في منامك ؛ لتحسن التوبة ، وتقبل على الله ، وتتقيه حق تقاته .
ونحن نرجو أن تكون الرؤيا التي رأيت من الله تعالى ، فإنها رؤيا خير ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرؤيا الصالحة من الله ) رواه البخاري (3292) ، ومسلم (2261) .
وما يراه المرء في منامه من نحو ذلك غالبا ما يكون من باب الإشارة والتنبيه والدلالة على الشيء ؛ فلعل فيها إشارة لك إلى أن هذه المعصية هي من اتباعك خطوات الشيطان وتزيينه لك ، والتغلب عليه أمر يسير ، ولكنه – فقط – يحتاج منك إلى إصرار وعزيمة صادقة ، وسوف يعينك الله عليه .
فهذا المعنى حق ، قد دل عليه القرآن الكريم والأحاديث النبوية .
فالذي ننصحك به هو مجاهدة النفس والشيطان والتوبة إلى الله تعالى باستمرار ، فكلما أحدثت ذنبا ، فأحدث له توبة وندما ، وعزما على عدم العودة إليه مرة أخرى ، فإن غلبك شيطانك ، وضعفت نفسك ، ورجعت إلى الذنب مرة أخرى ، فتب إلى الله تعالى توبة أخرى ... وهكذا .
وأما كون صاحب المعاصي الكبار يكون محبا لله ورسوله .
: نعم ، فكل مؤمن لابد أن يحب الله ورسوله ، وإذا خلا القلب من محبة الله ورسوله ، فهذا ليس بمؤمن .
وقد روى البخاري (6780) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : " أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تَلْعَنُوهُ ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ لَمْ يُحِبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنِ ، وَإِنْ كَانُوا مُتَفَاضِلِينَ فِي الْإِيمَانِ وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ حُبٍّ وَغَيْرِهِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (35/66) .
وقال أيضا في "منهاج السنة النبوية" (4/570) :
"ومن المعلوم أن كل مؤمن فلا بد أن يحب الله ورسوله " .
ولكن هذا الإيمان إيمان ناقص بما أتى به من المعاصي ، وهذه المحبة ـ من ثَمَّـ محبة ناقصة ، ولو كمل إيمانه ومحبته لله ، لكان مطيعا لربه ، ونهى نفسه عن هواها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "جامع الرسائل" (2/259) :
"فَكَمَا أَن الْمحبَّة الْوَاجِبَة تَسْتَلْزِم لفعل الْوَاجِبَات ، فكَمَال الْمحبَّة المستحبة تَسْتَلْزِم لكَمَال فعل المستحبات ، والمعاصي تنقص الْمحبَّة ، وَهَذَا معنى قَول الشبلى لما سُئِلَ عَن الْمحبَّة فَقَالَ : مَا غنت بِهِ جَارِيَة فلَان :
تَعْصِي الْإِلَه وَأَنت تزْعم حبه ... هَذَا محَال فِي الْقيَاس شنيع
لَو كَانَ حبك صَادِقا لأطعته ... إِن الْمُحب لمن أحب مُطِيع
وَهَذَا كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن ، وَلَا يسرق السَّارِق حَيْثُ يسرق وَهُوَ مُؤمن ، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن).
ويخشى على العاصي المتمادي في معصيته ، أن يزداد حبه للمعصية يوما بعد يوم ، ويقل حبه لله يوما بعد يوم ، حتى يتلاشى من قلبه ، ويكون ذلك عقابا له على استمراره على المعصية .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (12/78 ) فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد : ...
أَنْ لَا تَنَافِيَ بَيْن اِرْتِكَاب النَّهْي ، وَثُبُوت مَحَبَّة اللَّه وَرَسُوله فِي قَلْب الْمُرْتَكِب ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُوله ، مَعَ وُجُود مَا صَدَرَ مِنْهُ . وَأَنَّ مَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْمَعْصِيَةُ ، لَا تُنْزَعُ مِنْهُ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَرَسُوله ....
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِسْتِمْرَار ثُبُوت مَحَبَّة اللَّه وَرَسُوله فِي قَلْب الْعَاصِي مُقَيَّدًا بِمَا إِذَا نَدِمَ عَلَى وُقُوع الْمَعْصِيَة ، وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدّ ، فَكَفَّرَ عَنْهُ الذَّنْبَ الْمَذْكُورَ ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَقَع مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ بِتَكْرَارِ الذَّنْبِ ، أَنْ يُطْبَع عَلَى قَلْبِهِ شَيْءٌ ، حَتَّى يُسْلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَ العافية
فاتق الله ، وجاهد نفسك وهواك ، وما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك ، واحذر أن تُبتلى في نساء أهل بيتك بما ابتُلي الناس به في نسائهم بك .
وجدد التوبة ، وأحسن الأوبة ، وحافظ على الصلوات المكتوبات ، واشغل نفسك بالحق تنشغل عن الباطل ، وأكثر من ذكر الله ومن تلاوة القرآن ، وليكن لك حظ من قيام الليل ، وتضرع فيه إلى ربك ، وألح عليه في الدعاء ، كي يصرف عنك هذا البلاء ، فإنه من أعظم البلاء وأشده على قلبه المرء ودينه .
ولا تيأس من رحمة الله ، وأحسن الظن به ، وأحسن العمل ، واستعن على إعفاف نفسك ، وغض بصرك : بزوجتك الحلال ، والإكثار من الصوم ، مهما استطعت .
لا شك أن بغضك للسيئة وبغضك لفعلها من الإيمان ، كما روى الإمام أحمد في "مسنده" (22159) عن أَبي أُمَامَةَ عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا سَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ ، وَسَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (550) .
ولكن من ساءته سيئته فتمادى فيها وأصر عليها ، غلبت عليه خسارته ؛ لأن المقصود أن المؤمن تسوؤه السيئة ، فيتركها، وتسره الحسنة ، فيقبل عليها ، فيزداد إيمانا.
أما أن تسوءه السيئة ثم يقبل عليها : فهذا لا شك من الخسران .
فاستثمر بغضك للسيئة ، ومجاهدة نفسك فيها ، وما رأيت في منامك ؛ لتحسن التوبة ، وتقبل على الله ، وتتقيه حق تقاته .
ونحن نرجو أن تكون الرؤيا التي رأيت من الله تعالى ، فإنها رؤيا خير ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرؤيا الصالحة من الله ) رواه البخاري (3292) ، ومسلم (2261) .
وما يراه المرء في منامه من نحو ذلك غالبا ما يكون من باب الإشارة والتنبيه والدلالة على الشيء ؛ فلعل فيها إشارة لك إلى أن هذه المعصية هي من اتباعك خطوات الشيطان وتزيينه لك ، والتغلب عليه أمر يسير ، ولكنه – فقط – يحتاج منك إلى إصرار وعزيمة صادقة ، وسوف يعينك الله عليه .
فهذا المعنى حق ، قد دل عليه القرآن الكريم والأحاديث النبوية .
فالذي ننصحك به هو مجاهدة النفس والشيطان والتوبة إلى الله تعالى باستمرار ، فكلما أحدثت ذنبا ، فأحدث له توبة وندما ، وعزما على عدم العودة إليه مرة أخرى ، فإن غلبك شيطانك ، وضعفت نفسك ، ورجعت إلى الذنب مرة أخرى ، فتب إلى الله تعالى توبة أخرى ... وهكذا .
وأما كون صاحب المعاصي الكبار يكون محبا لله ورسوله .
: نعم ، فكل مؤمن لابد أن يحب الله ورسوله ، وإذا خلا القلب من محبة الله ورسوله ، فهذا ليس بمؤمن .
وقد روى البخاري (6780) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : " أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تَلْعَنُوهُ ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ لَمْ يُحِبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنِ ، وَإِنْ كَانُوا مُتَفَاضِلِينَ فِي الْإِيمَانِ وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ حُبٍّ وَغَيْرِهِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (35/66) .
وقال أيضا في "منهاج السنة النبوية" (4/570) :
"ومن المعلوم أن كل مؤمن فلا بد أن يحب الله ورسوله " .
ولكن هذا الإيمان إيمان ناقص بما أتى به من المعاصي ، وهذه المحبة ـ من ثَمَّـ محبة ناقصة ، ولو كمل إيمانه ومحبته لله ، لكان مطيعا لربه ، ونهى نفسه عن هواها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "جامع الرسائل" (2/259) :
"فَكَمَا أَن الْمحبَّة الْوَاجِبَة تَسْتَلْزِم لفعل الْوَاجِبَات ، فكَمَال الْمحبَّة المستحبة تَسْتَلْزِم لكَمَال فعل المستحبات ، والمعاصي تنقص الْمحبَّة ، وَهَذَا معنى قَول الشبلى لما سُئِلَ عَن الْمحبَّة فَقَالَ : مَا غنت بِهِ جَارِيَة فلَان :
تَعْصِي الْإِلَه وَأَنت تزْعم حبه ... هَذَا محَال فِي الْقيَاس شنيع
لَو كَانَ حبك صَادِقا لأطعته ... إِن الْمُحب لمن أحب مُطِيع
وَهَذَا كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن ، وَلَا يسرق السَّارِق حَيْثُ يسرق وَهُوَ مُؤمن ، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن).
ويخشى على العاصي المتمادي في معصيته ، أن يزداد حبه للمعصية يوما بعد يوم ، ويقل حبه لله يوما بعد يوم ، حتى يتلاشى من قلبه ، ويكون ذلك عقابا له على استمراره على المعصية .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (12/78 ) فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد : ...
أَنْ لَا تَنَافِيَ بَيْن اِرْتِكَاب النَّهْي ، وَثُبُوت مَحَبَّة اللَّه وَرَسُوله فِي قَلْب الْمُرْتَكِب ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَذْكُورَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُوله ، مَعَ وُجُود مَا صَدَرَ مِنْهُ . وَأَنَّ مَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْمَعْصِيَةُ ، لَا تُنْزَعُ مِنْهُ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَرَسُوله ....
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِسْتِمْرَار ثُبُوت مَحَبَّة اللَّه وَرَسُوله فِي قَلْب الْعَاصِي مُقَيَّدًا بِمَا إِذَا نَدِمَ عَلَى وُقُوع الْمَعْصِيَة ، وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدّ ، فَكَفَّرَ عَنْهُ الذَّنْبَ الْمَذْكُورَ ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَقَع مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ بِتَكْرَارِ الذَّنْبِ ، أَنْ يُطْبَع عَلَى قَلْبِهِ شَيْءٌ ، حَتَّى يُسْلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَ العافية